تم الإتفاق على هدنة العيد بالضغوط الدولية، وقد كانت طبعاً هدنة تحانيس ليس فيها آلية مراقبة، فكان من الطبيعي أن تُخرق كسابقاتها. ورغم انخفاض حدة الإشتباكات بعد استعادة الجيش للقيادة العامة فإن الوضع خطير وينبئ بمواجهات أكثر شراسة بعد العيد لأن كل طرف سيسعى لاستغلال الهدوء النسبي لترتيب صفوفه وتعزيز موقفو في الميدان.
هدنة العيد النسبية وقبلها الهدنة القصيرة التي سمحت بتسليم عساكر الجيش المصري، هما في الواقع فضيحتين، ففي الحالتين أكد الطرفان عملياً أن قائمة أولوياتهما مقلوبة، فالأولى بالهدنة هو الشعب السوداني قبل النظام المصري، والأحق بالاستجابة لنداء وقف الحرب هم السودانيون قبل القوى الإقليمية والدولية.
الآن والحالة هذه، حالة حرب جدية في شوارع الخرطوم، فواجب القوى السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والأهلي والشخصيات الوطنية أن تتحد بدون تأخير لإعلان جبهة وطنية عريضة ضد الحروب الأهلية في السودان، جبهة تكون هي الجسم الرئيسي في تنسيق وقف إطلاق نار دائم ومراقبته، الي حين استعادة المسار السياسي، وتتولى أيضاً تنسيق وإدارة مبادرات الجيران والأصدقاء والمنظمات الدولية.
لقد آن الأوان ليكون الدور الرئيسي في حل جميع مشاكلنا المصيرية، هو دورنا نحن كسودانيين.
وهذه أيضاً فرصة لتمتد جهود وقف الحرب لتشمل كل ملفات الحروب المؤجلة، فلا معنى للهدنة أو الرجوع للعملية السياسية في الخرطوم، وهناك حروب مؤجلة في جبال النوبة وجبل مرة.
أهمية جبهة وطنية ضد الحرب الآن أنها يمكن أن تتحول في المستقبل لحركة جماهيرية واسعة - عابرة للحواجز السياسية والإثنية - ضد الحروب الأهلية في كل السودان، فتصبح هي صمام أمان لاستقرار الدولة والنظام الديمقراطي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أكتب تعليقك أدناه