إبحث

11 أبريل 2020

في نعي الإنتفاضة الثالثة للخرطوم


عوض بن عوف
الفريق عوض بن عوف يتلو بيان الجيش - ١١ أبريل ٢٠١٩
(أنقر على الصورة لمشاهدة الفيديو من الجزيرة نت)

تعليقٌ نشرته أول مرة على حسابي الشخصي في فيسبوك، حول ما يعنيه بيان المجلس العسكري (بيان أبنعوف) للانتفاضة المستمرة وقتها في الخرطوم (بصورة رئيسية). كان الفريق عوض بن عوف قد تنازل لاحقاً عن رئاسة المجلس العسكري - قبل مرور ٢٤ ساعة على تلاوته للبيان - لصالح الفريق عبد الفتاح البرهان، الرئيس الحالي لمجلس السيادة.

سبب إعادة النشر اليوم هو مناسبة مرور سنة على عزل عمر البشير بواسطة المجلس العسكري (اللجنة الأمنية).
----------

هذه هي بالضبط، وليست غيرها، النتيجة المنطقية للاتجاه العام الذي كانت تسير فيه قوى المعارضة الرئيسية في الخرطوم ل ١٥ عام، وكذلك التيار الغالب من الناشطين المعارضين، قوبل طريق الانتخابات برفض غير عقلاني منذ فرصة إعادة التأسيس في ٢٠٠٥، فتم تفويت فرصتين منذ إتفاقية السلام الشامل، الأمر الذي قفل الأبواب أمام أثمن فرص التطور الديمقراطي الدستوري في تاريخنا الحديث.

بنفس الطريقة، ظل التيار العام للقوى المعارضة يكرر رفضه وعدم إعترافه مسبقاً بانتخابات ٢٠٢٠ بحثاً عن مخارج سريعة ممهدة بالإختصارات الفوقية غير المرتبطة بتفويض شعبي دستوري، وتم قمع وتخوين جميع الأصوات المنادية بخوض معركة التغيير عبر الإنتخابات.

كان من الطبيعي أن تفتح بذلك الأبواب منذ البداية على مصارعها لإحتمالات سيطرة المؤسسة العسكرية على السلطة منفردة من قبل أي مجموعة داخلها، كلٌ حسب سرعته ورشاقته، حتى قبل اندلاع الإنتفاضة، وغنيٌ عن القول أنه وفي ظل جيش "معادةٌ صياغته حضارياً"، فإن أي حركة داخله ستكون في جوهرها "حركة إسلامية"، ترث مشروع النظام القائم ومؤسساته وتحافظ على "مكتسباته".

معارضتنا الخرطومية ظلت رؤيتها مشوشة دائماً في اللحظات المهمة بسبب موقف بعض مكوناتها الذرائعي أساساً من الديمقراطية، وهي فوق ذلك، وبسبب ٣٠ عام من القمع والتدجين، أصبحت أسيرة لعقلية المعارضة، غير قادرة على استشعار لحظة المعركة الحاسمة حول السلطة، لا تقدر قيمة سلاح التفويض الشعبي، دستورياً كان أم ثورياً.

المؤشر المهم على ذلك منذ يوم ٦ أبريل هو المحركة الغريبه وعجيبه في تشكيل المجلس الإنتقالي الذي تم الإعلان عنه في انتظار المبادرة المجانية من الجيش، فتم بذلك تفويت فرصة مهمة لفرض مركز قوة سياسية موازية لنظام البشير لحظتها، مركز ضروري كان سيجعل للإنتفاضة راس وكرعين، بدلاً من أن تظل مجرد سيل جارف من المشاعر الراغبة في التغيير، لكنها محتبسة أمام أفق مسدود.

الآن، وقد أُختطفت إنتفاضة الخرطوم "المجيدة" - للمرة الثالثة * -  من قبل نخبتها العسكرية، فلا شئ يدعو للإعتقاد بأن عساكر البشير هم "أسورة من ذهب"، وأنهم قد جاءوا فقط للإشراف على عملية الإنتقال السياسي إلى الديمقراطية. لقد جاءوا ليبقوا، وببقائهم نعود جميعاً لنقطة الصفر وتصبح آمالنا في التغيير في مهب الريح.

----------
* إشارة للإنتفاضتين الشعبيتين في أكتوبر ١٩٦٤م، و أبريل ١٩٨٥م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أكتب تعليقك أدناه